المشاركات

عرض المشاركات من يناير, 2021

كرز مشوي

صورة
كرز مشوي.. أحياناً تأتيك الأمنيات في غير أوانها، وتحملك الأقدار إلى فضاءات مشتهاة في أوقات أبعد ما تكون عن التوقيت المناسب،فتبدو وكأنها أتت لتكون عقاباً ,لا تحقيقاً لرغباتنا... لطالما أحببت أن أغادر محيطي الضيق المحدود، وأذهب في رحلة إلى لبنان السحر , فتلك كانت سقف أحلامنا.. ذلك الحلم الذي تسلل إليّ مما قرأت عنه من السياسيين والأدباء والشعراء وحكايا الفنانين والنجوم،  سمعت صوت لبنان الحلم  في أغاني فيروز و الصبوحة ، شممت عبق جباله وبحره في صور المجلات لصبايا الحمرا و الأشرفية و تلفريك حريصا.. تقت إلى فضاءات الحرية فيه, أردتها لتكون جزءاً من أحلام فتى متمرد, دخل الثامنة عشر قبل خمسين يومًا فقط.. وها أنا أقطع جبال الشّوف مشياً على الأقدام عائداً إلى دمشق، عابراً بلدات البقاع معلقاً في رقبتي يدي اليمنى التي خيطت وضمدت على عجل في مشفىً في بشامون ،ذلك إثر إصابتي في معركة مع رتل دبابات "اسرائيلية" كنا قد كمنّا لها في أحراش الدامور المرتفعة عن طريق الجنوب الموازي للبحر . كانت الأجواء أمام غرفة العمليات في المركز الطبي مضطربة ,وأنا ممتليء بالخوف من اقتراب القصف و القوات ا...

شوقي وهادي الجيار.. ونابليون

صورة
كنت منذ ليلتين أنوي الكتابة عن صديقي الراحل، المخرج شوقي الماجري-رحمه الله - فجاء خبر رحيل هادي الجيار المؤسف رحمه الله ، ليذكرني بهذه الحكاية التي فيها ذكر لكليهما..  في منتصف 2012 عندما عملنا معاً في مسلسل "نابليون و المحروسة" للراحل شوقي الماجري.. كان هادي رحمه الله قد صور عدداً لا بأس به من المشاهد، وكان يشعر بالضياع وأحياناً بعدم الاطمئنان ، إذ انه لايعرف مستوى أداءه، إلا تلك الكلمات المقتضبة من المخرج أن الأمر جيد،. فقد كانت العادة عند الفنانين في مصر أن يأتوا جميعاً إلى المونيتور بعد أداء المشهد ليروا ماقدموه، وكل واحد يحكم بنفسه من رضا أو عدمه على الأداء.. لكن هذا الأمر كان غير وارد اطلاقأ في مدرسة شوقي الماجري.. وذلك لفلسفة مقتنع بها، وجزء من الهدف هو ان يبقى التحفز والقلق عند الفنان هو الدافع لتقديم الأفضل، و أن من يحكم على جودة الأداء هو المخرج وحده، وليست آراء الفنانين التي لابد انها ستتباين وعندها لايمكن أن تتقدم مسيرةالعمل.  وكان شوقي رحمه الله يقول للممثل: ثق بي، و ستكون راضٍ جداً.. هذا الأمر لم يطمئن هادي، لرجل يعمل معه لأول مرة.. وكان أحد الأيام و...

كنا نفكر معاً، شوقي وأنا

صورة
كنا نفكر معاً أنا و #شوقي_الماجري طلب مني  أن اكتب شيئاً يكون بمثابة كلمة المخرج، نقدم به لملخص أحداث  #مسلسل_حلاوة_الروح .. فكتبتُ: (دوماً.. تتوق أرواحنا أن تبلغ مدارات الانعتاق، والحياة تجذبنا كالفراشات إلى أوار نارها، فتودي بنا في مهاويها.. لكن، وبرغم الموات، يجدر بنا ان نحياها كما يليق.. و بحلاوة الروح قد ننتشل أنفسنا عند اللحظة الفارقة.. الغد غائم، مشتت الملامح، نستجديه أن يغدو أجلى وأفصح.. والأرض تغدو وردتنا المخنوقة في سيل الدماء والوطن يصبح طفلنا الذي نغرقه بالوصاية و الشعارات الزائفة .. وأما أيامنا، فقد أحال الطغاة لونها إلى سواد بلون الظلمة بلون قلوبهم.. وبلون انهيار الضياء.. ونحن من سنعيد الضياء الى وجه غدنا برغم من يريدون أن يطفؤوا نوره.. ونستمر يحدونا الأمل، وتحفزنا حلاوة الروح كان ذلك في نيسان بيروت٢٠١٤) واليوم بعد رحيلك أخي وصديقي، أيها المبدع ، و في ظلال "محبسنا" الذي نرى بفعل سطوته كل هذا الغثاء على شاشاتنا.. أفتقدك من عمق روحي.

ليت أيلول يعود..

وفي أيلول.. يهطل مطر برائحة تراب القبور.. تسقط ثمرة تين طافحة النضج.. يهاجر طيرٌ باكياً، مؤمنٌ أنه لن يعود .. أغاني الرعاة أكثر حزناً أجراس المراعي تتأرجح بصمت.. ليت أيلول يمر عليّ ولو لمرة.. محزنٌ أيلول .. في أيلول يطيب البكاء.. اسلاك التلغراف، وحدها من تشعر بالأنس تخمشها استراحة المخالب المهاجرة وبعد الوداع تبقى تتأرجح كمن ينوح في أيلول الينابيع تخجل من عُريها.. فتختبيء ريثما يجلب الربيع ثوبها.. ويغدو لحجارة السور ملمس فرو الخراف.. يا أيها الغيم الهارب صوب الشرق.. هات لنا أيلول ولو لمرة يا غيم..

في رثاء شوقي الماجري

صورة
آه يا شوقي.. آه يا صديقي.. كم شقينا معاً .. كم أُحبطنا .. وتأملنا .. ثم انتشينا بفرحة النجاح معاً.. محظوظ  أنني رافقت ما يقرب ربع قرن  من حياتك ..بل من حياتي .. ربع قرن من النحت الدؤوب في صخرة الإبداع التي لانت أمام اصرارك وعمق نظرتك..فحفرت عليها أجمل التكوينات. #     #    # (خلينا نصعبها عحالنا شوي يا حجي ..شو رايك؟ .....ايه يلله ).. هيك كان يقلي ,و هيك كنا نفوت بمغامرات لتشكيل الأجمل والقوى، والأرقى.. لم يبخل شوقي بشيء على مشروعه الفني أبداً .. حتى أن آخر ما دفعه باعتقادي , هو عمره .. نعم... فرحيل شوقي جاء ضمن سياق مشروعه الذي لم يكن أبداً الا كتلاً، بل جبالاً من الارهاق .. وفضاءات من الشقاء .. لكن لتسكن روحك يا شوقي، لتطب نفسك في رقدتك الاخيرة ..فهذا الشقاء قد أينع ابداعك الذي سيبقى أطول مما كنا نعتقد .. أجل، وستبقى المعلم الذي ما بخل قط على تلاميذه بشيء لا في الفكرة ولا في الاحساس ولا حتى بالاحتياجات الشخصية .. كم كنت ترى مالا نراه , وتصحح رؤية كل من حولك ,فكنت تقود بهدوء ظاهري وببركان دفين وبرغم كل التحديات التي ل...

رحيل حاتم علي.. وبوح

صورة
#حاتم_علي... سأقول لم نلتق كما يجب اللقاء بين من هم مثلنا.. منذ رأيتك أيها الأسمر المُجَذَّب، في دائرة النار.. فقد ألهبتَ ناراً "صغيرة" من " الغيرة "منك في داخلي..  ولست أدري سبباً لدمجي بين شخصك و دورك في ذاك العمل، إلا أنني اعتبرتهما واحداً أغار منه، واحداً في مثل عمري يستطيع كسر كثير  من "القماقم" التي كانت تغلفني وتكبلني.. هذا الإحساس بالغيرة لم يتلاش مع العمر،ومع وقوفي أكثر من مرة أمام كميرتك، بل غاب في ركن قَصِيّ في داخلي.. كبرتَ أنت، و كانت فكرة أن أعمل معك تراودني وتُطرح بين الفينة والأخرى.. لكن حاجزاً ما كان يمنع أن يحدث ذلك_لعله ذاك الإحساس المختبيء! _ أو موانع أخرى... لكني عندما رأيت " التغريبة الفلسطينية" كسرت ما بداخلي، وكانت المرة اليتيمة التي أشعر فيها أنه يجب عليّ أن  أبارك لمخرج عن  عمل أنجزه - هذا العمل الذي لايزال يؤثر فيّ وفي عواطفي، كأي مشاهد لايعرف شيء في كواليس الدراما، ولا أدري لماذا-.. نعم يومها اتصلت بك : - مبروك.. والله يعطيك العافية على هالعمل.. - الله يبارك فيك، عجبك عن جد يابسام؟ - عجبني لاتكفي ي...

شيء ما، يبعث على الحياة

... "على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة.." قالها الشاعر يوماً ما .. وصارت "إنجيلاً" للأمل والانتظار حيناً، وللتأسي بسير من صبروا وظفروا أحياناً،. بل وحتى مهرباً لمحبي المماطلة والتهرب من استحقاقات الحياة في احيانٍ أخرى. أما أنا ، فأجيل النظر في هذي الحياة بأكملها.. فيعجز "نظري" الكليل أن يرى غير المحن، والآلام و البؤس والحرمان، الجوائح و الصراعات وضحاياها و و و، بل لاأرى أي شيء يستحق هذه الحياة، اللهم سوى بعض اقتناصات قد تحيكها الذاكرة "لسعادة" هنا أو هناك أو أوهام نتلهى بها لتقينا من سوداوية العيش.. ألمثل هذا جئنا إليك أيتها الأرض _ الحياة ؟ ! .. أقف وسط الشارع أمام المبنى الذي فيه بيتي.. أحسّ أن لارغبة لي بالسير ولو لخطوة واحدة لأكون على أحد جانبي الطريق. شيء من الشلل وانعدام الرغبة في الحركة سرى حتى جعل قدماي تتسمران وسط الطريق ، تفكيري تجمد في لحظة  لا أدركها، غيوم سوداء تعبر رأسي، أشعر بتسربها إلى عمق جسدي كله، غيوم متخمة باليأس وانسداد الأفق..  لحسن الحظ، أو لسوئه،  انه في هذه الأثناء لم تعبر المكان أي سيارة.. صحيح أن شارعنا فرعي لكن حر...