شوقي وهادي الجيار.. ونابليون
كنت منذ ليلتين أنوي الكتابة عن صديقي الراحل، المخرج شوقي الماجري-رحمه الله - فجاء خبر رحيل هادي الجيار المؤسف رحمه الله ، ليذكرني بهذه الحكاية التي فيها ذكر لكليهما..
في منتصف 2012 عندما عملنا معاً في مسلسل "نابليون و المحروسة" للراحل شوقي الماجري.. كان هادي رحمه الله قد صور عدداً لا بأس به من المشاهد، وكان يشعر بالضياع وأحياناً بعدم الاطمئنان ، إذ انه لايعرف مستوى أداءه، إلا تلك الكلمات المقتضبة من المخرج أن الأمر جيد،. فقد كانت العادة عند الفنانين في مصر أن يأتوا جميعاً إلى المونيتور بعد أداء المشهد ليروا ماقدموه، وكل واحد يحكم بنفسه من رضا أو عدمه على الأداء..
لكن هذا الأمر كان غير وارد اطلاقأ في مدرسة شوقي الماجري.. وذلك لفلسفة مقتنع بها، وجزء من الهدف هو ان يبقى التحفز والقلق عند الفنان هو الدافع لتقديم الأفضل، و أن من يحكم على جودة الأداء هو المخرج وحده، وليست آراء الفنانين التي لابد انها ستتباين وعندها لايمكن أن تتقدم مسيرةالعمل.
وكان شوقي رحمه الله يقول للممثل: ثق بي، و ستكون راضٍ جداً..
هذا الأمر لم يطمئن هادي، لرجل يعمل معه لأول مرة..
وكان أحد الأيام وقد أنجزنا "برومو تسويقي" صغير من الجزء الذي تم تصويره حتى وقت قريب.. و البرومو أيضاً كان من "أسرار العمل" لدى الإخراج .. إلا أنه لسبب ما، كانت هناك نسخة كانت على جهاز الآيباد الخاص بي..
عند حلول ساعة البريك لتناول وجبة الطعام عند غياب الشمس كالعادة ، وكنا يومها في مدينة الانتاج الاعلامي، نظر اليّ هادي وقال : ايه يا بسام، ايه اللي بنعملوا احنا؟
وكان يبدو أقرب للاحباط..
أحسست بالاشفاق عليه.. فابتسمت له وامسكت به من يده..
_تعال معاي، راح أوريلك حاجة حلوة..
ابتعدت به عن الضجيج ودخلنا أحد الديكورات المهدمة والمهملة.
_انت واخدني فين..؟
_ خلاص.. وصلنا.
فتحت التابلت ، وقلت تفضل.. أمسكه بين يديه، و لأكثر من أربع دقائق _مدة البرومو_ وعينيه لم ترف، وأرى انفعاله الذي لم يسبق ان رأيته على وجهه...
انتهى البرومو.. كان في عينيه نظرة لا انساها ..دهشة ، فرحة، ثم أخذ نفساً عميقاً قطع الصمت الذي خيم للحظات :
_ ايه السحر دا.. انتو مجانين، والله مجانين؟
_ايه، عجبك الشغل؟
_ايه اللي عجبني،مش معقول الجمال والحلاوة، ياسلام عليك ياشوقي..
قلت له ضاحكاًوقد انتقلت اليّ غبطته:
_ يلا ياعم نروح ناكل بقى، واوعى تجيب سيرة لحد،. ده كان ليك مخصوص، لحد ما يقرر الأستاذ عرضه للمجموعة..
...
وفعلا كان بعد أيام عرض البرومو "لكاست" العمل بأكمله، والذي كان يشارك هادي الجيار قلقه و"ضياعه".. و ذلك في قاعة الاحتفالات في فندق ميريديان الهرم التي فتحت لهذا الغرض لمدة ساعة، للتعرف و اعطاء حافز للفنانين و الفنيين لمتابعة العمل بمحبة أكبر - على حد قول شوقي - والاحتفال بعمل كان من الأعمال المميزة في #الدراما_العربية.
رحم الله #هادي_الجيار ..
رحم الله #شوقي_الماجري
#القاهرة
#نابليون_والمحروسة
#مصر #سوريا
تعليقات
إرسال تعليق
نرجو كتابة تعليقاتكم و آرائكم بحسب رغبتكم ..ولكم كل الشكر