أعتذرُ عما كتبت...
أعتذرُ عما كتبت.. في زمان مضى وقد كنت شاباً يافعاً. حاولت أن أكتب قصة قصيرة عن شارع في مديني، و كان أكثر ما يلفت انتباهي في شارع "هنانو" هي ثلاثة أشياء، أولها و أضخمها مبنى "البنك" ،ولا أدري لأي البنوك يتبع، لكن كان اسمه البنك، ترتقي إلى مدخله بسبع درجات حجرية على طول المدخل، وهو ذو سطح قرميدي، كان شكله مهيباً وسط مباني السوق المتفاوتة، وثانيها تلك الحنفية الصفراء النحاسية على ناصية البنك مع شارع هنانو، إذ كانت تخرج من عمود اسمنتي يرتفع حوالي المتر وعند قاعدته مصرف للمياه التي كانت عذبة لا تنقطع، يشرب منه معظم من عبروا ذلك الشارع يوماً ما.. أما ثالثها، فكان مقهى الكمال،الذي يواجه البنك على الرصيف المقابل.. كان يجلس فيه الناس، بكل فئاتهم ،لأنه في وسط المدينة تماماً، وربنا كان المقهى الوحيد ، كانت له واجهة زجاجية على امتداده، وللدقة هي واجهة خشبية بفتحات زجاجية كبيرة ..مما يتيح لي أن أرى وأسمع تفاصيل كثيرة بداخله، الأبخرة، وسحب الدخان، طرطقات أحجار النرد، أشم روائح التنباك الكثيف..اسمع قرقعة الماء في قوارير الأراگيل، ورنين كؤوس الشاي والزهورات.. صوت خرب...