فرصة أخرى

فرصة أخرى....

تسلل الخدر الى أنحاء جسدي بينما كنت ممدداً في حوض الماء الساخن، شعور  لذيذ يلف الجسد المتعب  بعد عناء يوم عمل بارد و طويل..
نهضت بجسدي قليلاً داخل الحوض، وأنا أراقب حركتي عبر المرآة التي تغطي الجدار المحاذي للحوض.. وقد غلفتها غلالة ناعمة من البخار.. مسحت غبشها بكف يدي المبلل، ليظهر وجهي وقد عاد إليه بعض الحيوية بعد شعور البرد والإرهاق .. لفتني تزايد الخطوط التي بدأت تغزوه، نزلت إلى رقبتي التي  بدأ ترهلها يظهر أكثر.. ثم انحدر بصري بشكل سريع إلى منتصف صدري حيث لاتزال تظهر  عليه تلك الندبة العرضانية  بطول الإصبع، والتي لو كانت أكثر دقة وعمقاً لما كنت لأكتب هذه الكلمات اليوم ..
هبت نسائم تلك الليلة الصيفية الباردة من ليالي حزيران  1982.. في تلك القمة المطلة على المتوسط،. وعلى الطريق المؤدي من بيروت إلى الجنوب. 
الجو الرطب مع الهواء البارد تغطي المكان بغمامات ناعمة ، وكنت أفترش الأرض أنا وصديقاي فريد وزهير مع ثلة ممن نُقلوا معنا من ذلك المعسكر الحدودي على الحدود السورية اللبنانية.. حيث أقلتنا حافلات مع متطوعين كثر لا ندري إلى أين..لكنني استطعت  من بين الضباب  ومن خلال قمم مطلة، أن أرى سحراً لم يسبق لي أن رأيته.. مدينة عالعروس تنام على كتف البحر اللانهائي، لعله حبّ أول نظرة..
_ هذه بيروت.. قال زهير عندما رأى الشغف في عيني. 
ثم غبنا في التعرجات الجبلية وغابات لم يسبق لي أن رأيت مثلها، كيف أرى وأنا ابن حوران السهل الذي يصبح في الصيف وبعد مواسم الحصاد ممتداً ككف اليد باهتاً بلا حياة، تنتقل في أرجائه زوابع التراب وبقايا البيادر  ،لكن  لاشك أن ربيع حوران من أجمل ما تراه العين..
وصلنا إلى تلة تشرف على طريق ملتوية، وهي واحدة من تلال أخرى متقاربة و متباينة الارتفاع.. أشجار الصنوبر وبعض الصخور تسهم في تشكيل المكان بشكل جميل.. لكن لم يكن هناك وقت ولا مزاج للاستمتاع بما حولي من طبيعة ساحرة، فقد اقتربنا من الخطر، وكانت الأوامر صارمة بعدم التحرك كثيراً فنحن نعتبر في كمين، وكذلك يجب أن لا تغفل عيوننا عن رصد المنطقة من كل الجوانب، و عدم التفريط بالذخيرة، إلا بما يناسب الموقف العسكري..
كان هجوم  الجيش الإسرائيلي  يتمدد شمالاً باتجاه عمق لبنان، وقد اقترب من منطقة مثلث خلدة  وطريق بيروت (كما علمت من رفاقي الآخرين والأكثر معرفة بالجغرافيا مني)..
كل ربض في مكانه المحدد .. يجول علينا قائد طويل القامة أسمر اللون وكأنه أفريقي، كان يدعى "أبو الفدا الأسمر".. كان قوي البنية وله طلة لطيفة ولهجته قريبة من لهجتنا سوى بعض الكلمات التي قد تكون حياته في لبنان قد أكسبته إياها ..
كان يجول علينا كل ساعة ليشد من أزرنا،وليزيد حماسنا ، ويعيد علينا ضرورة الإلتزام بالأوامر، فالمعركة قد  اقتربت.. 
هبط الليل.. وجاء  أبو الفدا يرافقه شاب يحمل معه حقيبة.. فيها بعض المأكولات من البسكويت والمعلبات و السجائر "بماركاتها" المختلفة.. لم أكن أعد من المدخنين، لذا رفضت أخذ علبة سجائر كما الآخرين، إلا أن فريد وخزني موحياً لي أن آخذ نصيبي من السجاير أيضاً، فكان نصيبي علبة من نوع "جيتان" ذي الراقصة الزرقاء أما فريد فكان نصيبه  الـ"ميريت" وقد جعلني آخذ السجائر ليزيد من حصته فهو يعلم أنني لا أدخن .... 
تناولنا بعض قطع البسكويت، بينما كنا نتبادل أطراف الحديث ونشجع بعضنا بعضاً، أنها ستكون معركة الثأر لكل من قتلهم الصهاينة، ولن ندعهم يتوغلون أكثر في أرض لبنان.. 
"ترى ما الذي دفع شباباً لم يبلغ معظمهم الثامنة عشرة لينخرطوا في هذا الأتون؟!" 
مرت ساعات المساء بطيئة باردة وقد وزعت علينا ما يتوفر من بطانيات العسكرية تخفف برد ليل صيف الجبال، وجاء فريد عند منتصف الليل طالباً مبادلة السجائر.. فأعطيته العلبة وكانت لا تزال مغلقة بينما أعطاني الميريت، فتناولت سيجارة وكانت الوحيدة التي دخنتها تلك الليلة.. 
تناوبنا المراقبة بين إرهاق ونعس  وقلق،. لكني لا أذكر أن أي شعور بالخوف قد بادرني ليلتها أبداً.. 
عند الفجر بدأت أصوات جلبة ونداءات بعيدة وكذلك أصوات آليات تعلو وتقترب.. 
جاء أبو الفدا يحمل سلاحه وجعبة ذخيرته على صدره،كان وجهه أكثر صرامة من أي وقت مضى بينما كان يوزع المهام علينا .. 
_ بدياكم أسود، نحن أصحاب الحق.. يجب التمترس و الاختفاء جيداً، ويجب أن يكون الضرب عند إعطاء الأوامر بدقة، لا تهدروا الذخيرة، ونحن لسنا وحدنا.. هالجبال  كلها مزروعة بالفدائيين .. والعالم بيعرف إنو إسرائيل هي المعتدية.. و الحكيم بيسلم عليكم واحد واحد.. 
كانت تحية الحكيم (جورج حبش) قد أثارت الحماس و صعد الدم دافقاً إلى الرؤوس..
_ عاشت فلسطين
_ لن يمروا أبداً.. 
_راح نردهم خايبين .. وإلى فلسطين سنجري خلفهم.. 
كانت أصواتنا مليئة بالثقة والثبات والعزيمة الصادقة.. 
اقتربت الجلبة والضجيج أكثر.. 
تمددتُ وقد نصبت رشاشي في بقعة ثابتة تطل على أول الطريق الملتفة.. وزهير على يساري قليلاً و هو يحمل أربي جي 7 المضاد للدروع ، ومعه جعبة لعدد من القذائف.. اتفقنا على ضرب أي هدف  سيظهر في هذه الزاوية وفي حال إصابة الهدف وخرج منه أحد حياً، فساتكفل أنا وفريد بالقضاء عليهم بأسلحتنا الرشاشة.. 
اقترب الضجيج أكثر، وبدأت الشمس تعلو أكثر، و هنا، أعتقد أنه بدأ يتسلل إلى القلب شيء من الخوف..أو لعلها تداعيات صور أهلي ورفاقي، ما دفعني أن افتح زر جيب الصدر في سترتي العسكرية، فأخرجت محفظتي التي كنت أحتفظ فيها بصورة مشتركة لأمي وأبي.. أخرجت الصورة.. واحسست أنه يجب أن أقدم  لهما اعتذاراً عن مغادرتي للبيت دون إذنهما، بل هما لا يعرفان وجهتي، آسف يا أحبتي ، لكني سأرفع رؤوسكم أنتما و أخوتي ، سأقف في وجه إسرائيل،التي تخاذلت جيوش العرب أمامها، ولن ندعها، أنا ورفاقي، تدخل أرضنا.. سامحوني و أطلب رضاكما.. رأيت وجه أمي الباكي، ووجه أبي الشاحب يعاتبانني، ويدعوان لي… أخرجني صوت زهير من أفكاري:
_ سامع..؟ إجا الطيران.. 
أسرعت بإعادة المحفظة وغلق الجيب جيداً عليها وعلى علبة الميري .. 
كان صوت الطيران بادياً، لكنه لايزال غير قريب منا، وبدأنا نسمع صوت الانفجارات في الجوار..
فجأة، انفجرت الأرض في كل المنطقة.. أصوات الأسلحة المتنوعة والانفجارات تصم الآذان.
بدأنا نرى من بين الأشجار  رتلاً من المدرعات و الآليات الإسرائيلية يتقدم عبر الطريق التي نرصدها.. 
التنبيهات تتزايد أن لا نطلق القذائف قبل أن تكون الأهداف في مرمانا، وفي المدى المجدي، وهذا يعني بضع مئات من الأمتار فقط..
 أطلت أول آلية.. ثم توقفت لتدور في مكانها.. لا يظهر خلفها باقي الآليات، كانت دبابة .. 
القلوب في أوج نبضها، الخوف، القلق، الإقدام،العزيمة، كلها حاضرة معاً.. عادت  الدبابة  للاقتراب أكثر .. 
_ تجهز يا زهير.. 
زهير يصوب  و أنا أرى الدبابة من فتحة شعيرة التصويب، كل شيء جاهز. نبه زهير  رفيقنا الذي خلفه كي يبتعد عن فوهة ارتداد النار التي ستنطلق من سلاحه، ثم أطلق ،.. 
دوى انفجار صغير بقربي، ثم تلاه بعد ثانية انفجار  تحت الدبابة التي يبدو أنها توقفت لكنها لم تحترق.. وبدأتُ بصليات رشاشة قصيرة مستهدفاً فتحاتها التي بدأت تتحرك.. وتقدمتْ بقربها دبابة أخرى و ملأ الجو دخان صار يتكاثف لإعماء رماياتنا، ولم أعد أر بوضوح، إلا انني لازلت أستطيع تمييز حركة  جنود العدو.. لم يهدأ رشاشي الـ bks إلى أن بدل زهير الحشوة و غيّر مكمنه كي لا يُستهدف.. ولحقتُ به أنا وفريد.. خمسون متراً.  مئة، لست ادري.. ثم كمنا من جديد بينما كان إطلاق النار من الآخرين مستمراً . . القذائف ، أصوات الطيران الذي لم يقترب منا بعد، بسبب الإلتحام .  قذيفة أخرى تجاه نقطة العدو.. وصلية من سلاحي، ثم أحسست بوخزة تعبر جسدي.. لم أدرك ما حصل.. إلا أنني رأيت يمناي التي كانت تطلق النار وكأنها بترت ولم اعد أشعر بها .... كانت أصابع يدي اليسرى أساساً معطوبة ولا أستطيع استخدامها.. لجرح أصابني منذ أيام قبل مغادرتي لدرعا.. 
صرخت على زهير أنني أُصبت ...

ترك سلاحه ارضاً.. زحف إلي ولم يكن لدينا ما نوقف به تدفق الدم الذي انفجر من ساعدي.. فجأة فتح زهير سترته العسكرية وكان يرتدي تحتها "فانيلا"   قطنية لونها أحمر.. أمسكها من تحت نحره بكلتا يديه وشقها لنصفين.. تخلص من باقي القميص وقام بربط يدي وبدأ الألم يتحول إلى كل جسمي.. جاء فريد وقال أنه يجب أن أعود بك إلى الخلف. .
 وقفتُ وكنت لا أزال قادراً على الجري والحركة.. وضع فريد سلاحي برقبته وركضنا متحاشين  أن ننكشف لرمايات العدو.. ابتعدنا قليلاً عن مكان المعركة.... كانت الشمس تزداد قوة والجو أصبح خانقاً والخوف بدأ يتمكن مني.. 
تابعنا الجري.. إلى أن وصلنا إلى بيت شبه مهدم.. أدخلني فريد بعد أن اطمأن أن لا خطر فيه.. وضع سلاحي بقربي وقال أنه سيبحث عن شيء للإسعاف و يعود للمعركة . 
غادرني فريد.. 
وفجأة مرت طائرة أو أكثر، ويبدو أنها تطير على علو منخفض لأنني أحسست أنها ستدخل عليّ في المكان.. ثم أصدرت صوتاً أشبه بجعير ثور هائل، وتتالت إنفجارات كبيرة في المنطقة المحيطة.. 
وأعقب ذلك شعور غريب لدي،إذ أنني لم أعد أسمع شيئاً ، صمت، هدوء غريب يلف المكان.. طال الصمت طويلاً،لم أعد أذكر كم دام ذاك الشعور، اعتقدت ان ذاك ناجم عن عطب في اذني من الانفجارات، لكن تبين لي أنه صمت حقيقي، إذ كنت وسط تلك الوحشة  أستطيع أن أسمع صوت حركة الأعشاب وحفيف الشجر حول البيت. 
هل انسحب الرفاق والفدائيين..؟
لما لم يأت بعدمن يسعفني…؟
 هل أنا وهذا البيت في الجهة الخطأ والأقرب للعدو..؟
جهلي بأي معلومات عن المنطقة ومكان وجودي .. أثار تساؤلاتي، و زاد مخاوفي.. وبدأت صور ما كنت أسمعه وأقرأ عنه، من تعذيب للأسرى  في سجون الاسرائيليين تمر في خاطري لتزيد من رعبي..
شعرت أن قواي بدأت تتلاشى مع ازدياد النزيف، ولا أعرف أصلاً ما حلّ بيدي المربوطة.. والتي تقطر منها الدماء بلا توقف.. 
تذكرت صورة أبي وأمي، فقلت عل وجهيهما يؤنساني في هذا الكرب.. 
بأصابع يدي اليسرى المعطوبة تحسست  زر جيبي فلم أجده.. نظرت إلى مكان الجيب فرأيت الزر الذي طار و أصبح مكانه ثقباً، و شعرت بشيء دافيء ينحدر على صدري تحت ملابسي.. أخرجت المحفظة وفتحت أزرار السترة لأرى جرحاً لم يكن عميقاً ولم أشعر به من قبل، لكنه كان ينزف قليلاً  ... حاولت استذكار كيفية إصابتي..فقد كنت لحظتها في وضعية الرامي منبطحاً  كوع يدي اليمنى على الأرض ممسكاً بيدي زناد الرشاش ، فعرفت أن ما أصابني هو طلقة أو شظية أتت من جهة اليمين لتأخذ ساعدي  عابرة إلى غطاء جيبي مخترقة إياه إلى جهة القلب إلا أن حركة ما مني قد حرفت مسار حياتي كلها.. 
لعلها فرصة أخرى وهبني إياها القدر …… 
كان يمكن أن أكون الآن لا أزال ممدداً أنزف خلف رشاشي في أرض المعركة.. أو أنني استشهدت لو أن هذه الطلقة أكملت مسارها كما يجب .. هكذا تداعى خاطري.. فتحت صورة أبي وأمي.. ولعلي شعرت بهما حولي لحظتها وكان نشيج أمي ظاهراً.. 
الصمت لايزال شديداً لكن صوت خطوات حذرة و أنفاس متلاحقة بدأ يقترب..
 يا إلهي.. لا أستطيع استخدام السلاح بكلتا يدي.. ولا حتى لدي الوقت لذلك.. ماذا أفعل إن كان القادم هم جنود إسرائيليين..؟! 
هل اقتربت النهاية؟ ،
أكثر ما انهال عليّ لحظتها صور التعذيب في المعتقل .. 
تحاملت على وجعي وانبطحت على بطني..بعد أن أعدت المحفظة  ورميت بعلبة السجائر، لايليق أن يجد أهلي مع  ابنهم الشهيد علبة سجائر، هكذا هجست لي نفسي وقد صارت جبهتي  على حرف زاوية حجر ضخم من آثار البيت المهدم .. قست المسافة بسرعة بين الحجر وجبهتي.. وتيقنت أن المسافة كافية لأرطم رأسي بالزاوية الدببة للحجر، فأضمن موتى قبل أن يلقى الصهاينة القبض علي.... رفعت راسي ومددت عنقي  لأصنع اكبر مسافة ممكنة عن الحجر.. استعداداً للانتحار.... اقتربت الخطوات. والأنفاس الغريبة صرت أسمعها بوضوح .. أغمضت عيني بعد أن سددت مكان الإرتطام..
وجاءني الصوت :بسام..  
يا إلهي انه صوت فريد..  انهار جسدي المتشنج وبالكاد خرج صوتي :فريد.. 
شعرت بالدوار.. ولم أعد أر بوضوح .. 
_ ما لقيت إسعاف.. قوم خلينا  ندور عمكان نشوف جرحك..
 لم أتجاوب معه.. إلا أنه داعب وجهي وشعر راسي لأصحو قليلا ً
_ لا يوجد وقت  والمكان أصبح خطر .. يللا.. 
حمل  فريد سلاحي ووضع يده تحت ابطي وانتبه إلى فتحة  صدري، وأن هناك جرح صغير.. 
فتح ليرى بوضوح 
_شو هاظ..؟ يبدو  أنه جرح خفيف..
مشى بي فريد في أرض وعرة وكنا نتجنب الأرض المكشوفة إلى أن وصلنا طريقاً إسفلتياً تبدو مهجورة لا يمر بها أحد .. قلت له: أنا لن أستطيع المشي.. 
أسندني إلى جذع صنوبرة وصار يسعى  في أرجاء المكان عله يحظى بما يساعدنا.. لكنه عاد خائباً..
وبعد قليل.. سمعنا صوت سيارة يقترب .. اختفينا.. حتى نعرف ما القادم، تبين أنها سيارة فوكس فاكن كانت بيضاء اللون.. 
قال فريد: لايوجد فيها سوى السائق.... 
وفجأة قفز  إلى عرض الطريق وأشهر سلاحه في وجه السائق الذي توقف  من فوره.. ورفع يديه عن المقود .. طمأنه فريد أنه لا يريد منه سوى إسعافي إلى أقرب نقطة طبية، حاول الرجل التملص الا ان سلاح فريد كان مرعباً له.. أقرب شي مركز "بشامون"بس الطريق مكشوفة عالقصف.. 
لا سبيل آخر أمامنا.. ركبنا وأنا في آخر ما تبقى لدي من قوة .. لكن ما إن مشت السيارة دقائق معدودة..عبر طريق في وسط سفح يطل على أماكن فسيحة، حتى فاجأتنا قذيفة على السفح كادت تطيح بنا .. توقفنا وهبطنا نلتصق بالأرض و السائق يصرخ :الله ما بخليني أكمل ....
 ابتعدنا عن السيارة قليلاً..و جاءت قذيفة أخرى لكنها أتت أبعد قليلاً.. 
ما الحل.. أنا أنزف وخائف والرجل يبدو خائفاً أكثر مني..
كان الحل عند فريد هو أن نكمل الطريق.. مهما كان الثمن.. لكن الرجل رفض .. 
_ لا تخليني أؤذيك .. قال فريد للرجل بحزم، وأكمل، فينا نستنى سقوط قذيفة و بعدها ننطلق بأسرع مايمكن، كان هذا رأيه من خلال خبرته العسكرية السابقة.. وبلحظة واحدة.. وبعد سقوط القذيفة  الأخيرة ، ركبنا وانطلق الرجل بسرعة جنونية ، وأصبحت السيارة بهذه السرعة أشد خطراً  من القذائف الخائبة حولنا.. 
في لحظة أردت تحسس جرح صدري ، ودون أن أنظر إليه مددت أصابع يسراي فكان المكان  ينز بسائل لزج و دافيء.. نظرت إلى أصابعي .. فكان الماء لايزال يقطر منهما، بينما أنا  قبالة مرآتي في حوض حمامي الذي تلاشى بخاره وأصبح بارداً  ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أعتذرُ عما كتبت...

يوم سوري.. عصيب