شرفة الغريب ..
قبيل أن يتشح الأفق الشرقي للمدينة بزرقة الفجر، توقف لأنه لم يعد قادراً على إكمال الطريق .. كان الإنهاك والألم قد سلباه آخر طاقة على الحركة .. الضوء الشاحب يتسرب إليه من طرف ستارة غرفتها التي تطل بزجاجها على الأفق الشرقي للمدينة البعيدة .. كانت تبدو له من طرف الشرفة، شاحبة وشبه غافية وهي تكاد تغرق بين أوراقها وكتبها.. خشي أن يقترب من البللور كي لا يثير رعبها في هذا الوقت، وفي وسط صمت المكان .. فآثر أن يتحايل على برودة الصباح بأن يتكور على ذاته بانتظار أن تطلع الشمس، عساها تمده بدفئها فيستعيد شيئاً من طاقته .. كانت بقايا دفء صدره قد جعلته يغفو . .. ..... لم يدرك متى لجأت الى فراشها أثناء غفوته .. استجمع آخر قوة له، واقترب من بلّلور شرفتها الصغيرة، نقر بهدوء كي لا يفزعها .. يبدو أن النقرات لم تصل الى سمعها الغافي.. حاول أن تكون ضرباته أقوى قليلاً ..لكنه لم يفلح، خانته طاقته..فاستجمع كل ما بداخله من حب للحياة.. هي آخر ملجأ له ، و آخر فرصة للنجاة .. نقر .. نقر، أو تخيل أنه يضرب البللور .. ثم ارتخى رأسه على صدره الذي كانت تزداد برودته أكثر مع نفاذ الوقت .. بدأ الخدر ينتشر في أرجاء...